((فضل شهر ذي الحجة))
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد فضَّل الله بعض النبيين على بعض، وفضَّل بعض الأيام والليالي على بعض، وفضَّل بعض الأشهر على بعض، ومن هذه الأشهر الفاضلة: شهر ذي الحجة –هذا الشهر الذي نحن فيه-؛ فقد جعل الله عزوجل فيه فضائل كثيرة، ومزايا دون سائر أشهر السنة، ومن هذه الفضائل:
[1]- أنه أحرم الأشهر الحُرُم التي أمر الله عزوجل بحفظها وتعظيمها، وأَكَّد تحريم المعصية فيها، قال الله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثناعشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حُرُمٌ فلا تظلموا فيهن أنفسكم(.[براءة: 36].
وفي صحيح البخاري (3197)، ومسلم (1697) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ)).
[2]- أن شهر ذي الحجة من أشهر الحج، فقد شرع الله لعبادة الحج في أشهرٍ معلومات، قال الله تعالى: (الحج أشهرٌ معلومات(. [البقرة: 197].
و الأشهر المعلومات: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
فلا يصحُّ حجٌّ إلا في ذي الحجة.
[3]- وفي هذا الشهر: أيامٌ مباركة لزيادة الذكر والشكر، وهي أيام التشريق: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ففي صحيح مسلم (1142) عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لِلَّهِ)).
وقال الله تعالى في شأن الحاج، ومشروعية رمي الجمار أيام التشريق: (واذكروا الله في أيامٍ معدودات فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخَّر فلا إثم عليه لمن اتَّقى(.[البقرة:203].
وهذا يدلُّ على شرفها ومزيتها.
[4]- وفي هذا الشهر: يوم العيد الأكبر لأمة الإسلام، وهو يوم النحر، وهو يوم الحجِّ الأكبر، فعند أبي داود (1945) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّه ِصلى الله عليه وسلم وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَالَ: ((أَيُّ يَوْمٍ هَذَا))؟ قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ. قَالَ: ((هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)). "الصحيح المسند" (1/588).
وعند أبي داود (2419) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)). "الصحيح المسند" (2/28).
[5]- أن الله شرع فيه الأضاحي لأمة الإسلام، فيشرع التَّقرُّب لله بنحر الأضاحي وذبحها في يوم النحر، وفي ثلاثة أيام التشريق.
[6]- وفي هذا الشهر المبارك: يوم عرفة، وهو اليوم التاسع، وهو أعظم أيام السنة وأفضلها، وهو أكثر الأيام عتقاً من النار، ففي صحيح مسلم (1348) عن عَائِشَةُ رضي الله عنها: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ)).
وفي مسند أحمد (8047) بإسناد حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا)).
وفي مسند أحمد (7089) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا)). وهو صحيح لغيره.
* ومن فضل هذا اليوم أن صومه يكفِّر السنة الماضية والباقية، ففي صحيح مسلم (1162) عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال: ((يكفِّر السنة الماضية والباقية)).
[7]- وفي هذا الشهر: أيامٌ مباركة، هي أعظم أيام السنة أجراً، وثواباً: ففي صحيح البخاري (969) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِي ِصلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ)). أي العشر. قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: ((وَلَا الْجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)).
وفي سنن الترمذي (757)، وأبي داود (2438)، وابن ماجه (1727) بلفظ: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ)). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ)).
* فينبغي لكل مسلم أن يعرف قدر هذا الشهر المبارك ، وفضل هذه الأيام العظيمة، وأن يغتنمها ويجتهد بكثرة العبادة والطاعة فيها.
نسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يكرمنا بالعتق من نار الجحيم، وأن يجعلنا من ورثة حنَّة النعيم،
والحمد لله رب العالمين.
▫◽◻◻◽◽
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد فضَّل الله بعض النبيين على بعض، وفضَّل بعض الأيام والليالي على بعض، وفضَّل بعض الأشهر على بعض، ومن هذه الأشهر الفاضلة: شهر ذي الحجة –هذا الشهر الذي نحن فيه-؛ فقد جعل الله عزوجل فيه فضائل كثيرة، ومزايا دون سائر أشهر السنة، ومن هذه الفضائل:
[1]- أنه أحرم الأشهر الحُرُم التي أمر الله عزوجل بحفظها وتعظيمها، وأَكَّد تحريم المعصية فيها، قال الله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثناعشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حُرُمٌ فلا تظلموا فيهن أنفسكم(.[براءة: 36].
وفي صحيح البخاري (3197)، ومسلم (1697) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ)).
[2]- أن شهر ذي الحجة من أشهر الحج، فقد شرع الله لعبادة الحج في أشهرٍ معلومات، قال الله تعالى: (الحج أشهرٌ معلومات(. [البقرة: 197].
و الأشهر المعلومات: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
فلا يصحُّ حجٌّ إلا في ذي الحجة.
[3]- وفي هذا الشهر: أيامٌ مباركة لزيادة الذكر والشكر، وهي أيام التشريق: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ففي صحيح مسلم (1142) عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لِلَّهِ)).
وقال الله تعالى في شأن الحاج، ومشروعية رمي الجمار أيام التشريق: (واذكروا الله في أيامٍ معدودات فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخَّر فلا إثم عليه لمن اتَّقى(.[البقرة:203].
وهذا يدلُّ على شرفها ومزيتها.
[4]- وفي هذا الشهر: يوم العيد الأكبر لأمة الإسلام، وهو يوم النحر، وهو يوم الحجِّ الأكبر، فعند أبي داود (1945) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّه ِصلى الله عليه وسلم وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَالَ: ((أَيُّ يَوْمٍ هَذَا))؟ قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ. قَالَ: ((هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)). "الصحيح المسند" (1/588).
وعند أبي داود (2419) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)). "الصحيح المسند" (2/28).
[5]- أن الله شرع فيه الأضاحي لأمة الإسلام، فيشرع التَّقرُّب لله بنحر الأضاحي وذبحها في يوم النحر، وفي ثلاثة أيام التشريق.
[6]- وفي هذا الشهر المبارك: يوم عرفة، وهو اليوم التاسع، وهو أعظم أيام السنة وأفضلها، وهو أكثر الأيام عتقاً من النار، ففي صحيح مسلم (1348) عن عَائِشَةُ رضي الله عنها: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ)).
وفي مسند أحمد (8047) بإسناد حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا)).
وفي مسند أحمد (7089) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا)). وهو صحيح لغيره.
* ومن فضل هذا اليوم أن صومه يكفِّر السنة الماضية والباقية، ففي صحيح مسلم (1162) عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال: ((يكفِّر السنة الماضية والباقية)).
[7]- وفي هذا الشهر: أيامٌ مباركة، هي أعظم أيام السنة أجراً، وثواباً: ففي صحيح البخاري (969) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِي ِصلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ)). أي العشر. قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: ((وَلَا الْجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)).
وفي سنن الترمذي (757)، وأبي داود (2438)، وابن ماجه (1727) بلفظ: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ)). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ)).
* فينبغي لكل مسلم أن يعرف قدر هذا الشهر المبارك ، وفضل هذه الأيام العظيمة، وأن يغتنمها ويجتهد بكثرة العبادة والطاعة فيها.
نسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يكرمنا بالعتق من نار الجحيم، وأن يجعلنا من ورثة حنَّة النعيم،
والحمد لله رب العالمين.
▫◽◻◻◽◽
0 comments:
Post a Comment