قانون الطوارئ الرباني
ا- البيان
{ لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ }
/ الانفال/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما تأتي سكرة الموت، في لحظات النزع الأخير، تزول غشاوة الجهل والكبر والعناد عن العيون، فيرى الانسان شريط حياته و تتبين له الحقيقة التي كان غافلاً عنها.
ومهما كان الانسان متكبراً و متجبراً، فإن السطوع المبين للحقيقة قبيل الموت سيقصم كل كبريائه
حتى فرعون بان له في لحظة الغرق الحقيقة التي كان يكابر بها، فقال: آمنت بالذي آمنت به بنو اسرائيل ..
لأنه قبل اقتراب الهلاك لا بد من الحجة والبينة
لأنه قبل النهاية لابد من البيان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحدث هذا في نهاية الإنسان الفرد
يحدث هذا في نهاية الأمم والشعوب
يحدث هذا في نهاية المدن و القرى
و سيحدث هذا قبل نهاية النظام العالمي الحالي الذي حكم و تحكّم بالأرض ومن عليها طيلة قرن الشيطان .
و سيحدث هذا قبل نهاية الأرض التي أخذت زخرفها وظن أهلها أنهم قادرون عليها
.
و " لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في حديث قدسي مرفوع يقول الله سبحانه و تعالى :
" أبثُ العلم في آخر الزمان حتى يعلمه الرجل والمرأة والعبد والحر والصغير والكبير فإذا فعلت ذلك بهم أخذتهم بحقي عليهم "
لاحظوا في هذا الحديث الاختيار البليغ لـكلمة ( أبثُ ) كي يعبّر بها عن طريقة وصول البيان للجميع
لماذا قال ( أبثُ ) العلم في آخر الزمان ، و ليس أنشر العلم أو أوحي بالعلم ، أو ألقي أو غيرها من المرادفات ؟
هل لأننا في عصر (( البث )) التلفزيوني والاذاعي والانترنت ؟
هل لأننا في عصر ثورة الاتصالات ؟
وماذا سيفعل الله بنا بعد وصول الرسالة و بث العلم ؟
" فإذا فعلت ذلك بهم أخذتهم بحقي عليهم "
أي :
" لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمهما كانت الوسيلة ستصل البينة إلى الجميع
ومهما كان عمرك أو دينك أو لغتك .. سيأتيك البيان في علم آخر الزمان.
البينة موجودة في القرآن وفي الحديث
وموجودة كذلك في آيات نجت من التحريف في الانجيل والتوراة ، لأن تلك الآيات محمية بشيفرة ومختومة حتى يتم اكتشافها الآن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أما أنت يا دانيال فأخفِ الكلام ، واختم السفر حتى يأتي وقت النهاية.
فكثيرون حينئذ يتصفحونه، والمعرفة تزداد"
/ سفر دانيال /
وفي موضع آخر من السفر يقول:
فقال: اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة إلى (( وقت النهاية ))
كثيرون - في ذلك الوقت- يتطهرون ويُمحّصون و تتم تنقيتهم ، أما الأشرار فيفعلون شراً، ولا يفهم أحد من الأشرار ، لكن الفاهمون ( في ذلك الوقت) يفهمون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و يقول المسيح لتلاميذه في انجيل يوحنا :
" مازال عندي أمور كثيرة أقولها لكم ، ولكنكم الآن تعجزون عن احتمالها ، ولكن عندما يأتيكم روح الحق - في آخر الزمان - فإنه سيرشدكم إلى الحق كله "
/ انجيل يوحنا :16-2 /
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن ، في آخر الزمان يبث الله العلم ، و المعرفة تزداد في وقت النهاية ..
لكن عصرنا ليس عصر سهولة ايصال العلم والبيان فقط ، عصرنا ليس فقط عصر ظهور القلم وانتشار الكتابة والتدوين ووسائل نشر العلم و مشاركته
إنه أيضاً عصر الهلاك .. وعصر الحياة .
إنه عصر ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ)
و كي تحيا الفراشة و ترفرف بأجنحتها ، يجب أن تهلك دودة القز
وكي تولد نفس جديدة ، يجب أن يكون ألم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحن اليوم في سنوات الألم ، في سنوات الضيق العظيم الذي لم يحدث مثله عبر التاريخ كما يقول الإنجيل
نحن اليوم في بداية هذا البلاء الشديد الذي تضيق فيه الأرض الرحبة حتى لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم كما تقول الأحاديث النبوية الشريفة .
نحن اليوم في السنوات الأولى لفتنة الدهيماء العامة التي لا يبقى أحد من الناس إلا ولطمته لطمة ، ولن يبق بيت من العرب أو العجم إلا و تملئه ذلاً وخوفاً
فتنة عامة يُستحل فيها الدم والمال والفرج
فتنة تستنظف العرب، قتلاها في النار، واللسان فيها أشد من وقع السيف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ستكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف.."
/رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود./
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• عن ابن عمر رضي الله عنهما عن حذيفة رضي الله عنه أنه ذكر فتنة يقال لها الحارقة (أو الحالقة) تأتي على صريح العرب وصريح الموالي وذوي الكنوز وبقية الناس ، ثم تتجلى عن ((( أقل من القليل.)))
*صريح العرب : هم اهل الجزيرة العربية ، * وصريح الموالي هم المسلمون من غير العرب ولاسيما اهل فارس
/رواه الحاكم في مستدركه وصححه./
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• وعن طلحة بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتراب الساعة ((( هلاك العرب.)))
/رواه الترمذي والبخاري والطبراني وابن أبي شيبة./
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن أول الناس هلاكاً العرب ثم أهل فارس..
/رواه الإمام أحمد./
*(و عند الطبراني و ابن عساكر و نعيم بن حماد : أول الناس هلاكاً فارس ثم العرب على إثرهم.)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن قال:
ويل للعرب من شر قد اقترب أضلت ورب الكعبة أضلت ورب الكعبة ، والله لهي أسرع إليهم من الفرس المضمر السريع..
الفتنة العمياء الصماء المشبهة يصبح الرجل فيها على أمر ويمسي على أمر، القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي.
/رواه ابن أبي شيبة./
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ويل للعرب من شر قد اقترب من فتنة عمياء صماء بكماء القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي وويل للساعي فيها من الله يوم القيامة..
/ رواه نعيم بن حماد وابن حبان في صحيحه/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
سِتٌّ من أَشْرَاطِ السَّاعَةِ :
1- مَوْتِي
2- و فَتْحُ بَيتِ المَقْدِسِ
3- و أنْ يُعْطَى الرجلُ ألفَ دِينارٍ فَيَتَسَخَّطَها
4- ((( وفِتْنَةٌ يدخلُ حَرْبُها بَيْتَ كلِّ مسلمٍ )))
5- ومَوْتٌ يَأْخُذُ في الناسِ كَقُعَاصِ الغنمِ
6- وأنْ يغْدِرَ الرُّومُ فَيَسِيرُونَ بثَمانِينَ بَنْدًا ، تَحْتَ كلِّ بَنْدٍ اثْنا عشرَ ألفًا
فقبل الموت العام بالحرب البيولوجية التي ستأخذ في الناس كعُقاص الغنم ، هناك فتنة عامة تدخل كل بيت.
و في رواية أخرى في البخاري و مسند الامام احمد عن عوف بن مالك الأشجعي ذكر العلامة المتعلقة بالفتنة على أنها ((( فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته )))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن، هذه الفتنة التي يهلك فيها أكثر الناس وتنجلي عن أقل من القليل ستدخل كل بيت
لذلك، وعلى العكس مما كان عليه الحال في الفتنتين السابقتين الأحلاس والسراء، فإنك مع فتنة الدهيماء الحالية لن ينجيك منها أن تكون حلساً من أحلاس بيتك
وعلى العكس أيضاً مما سيكون عليه الحال في فتنة الدجال الأخيرة فإنه لن ينفعك في الدهيماء أن تفر بجلدك إلى شِعب الجبال
بمعنى آخر: لن تستطيع تجنب لطمات فتنة الدهيماء حتى لو حبست نفسك داخل قوقعتك أو اعتزلت الناس وتجاهلت كل ما يحدث حولك
أنت بحاجة في سواد هذه الفتنة الغبراء المظلمة إلى سلاح مقاومة مختلف
أنت بحاجة أن تقاوم ظلام هذه الفتنة بالنور .. نور العلم
فقد وصفها النبي عليه الصلاة و السلام بأنه سيصبح فيها المرء مؤمناً و يمسي كافراً، (((إلا من أحياه الله بالعلم )))
ووصفها حذيفة بأنه سيهلك فيها أكثر الناس ((( إلا من كان يعرفها قبل ذلك)))
لذلك قبل أن تشتد نيران هذه الفتنة ستزداد المعرفة بهذه الفتنة لمن أراد أن يعرف.
.
فالعلم و المعرفة في هذه السنوات يعني الحياة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
/الأنفال: 24، 25/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الآية تضعنا أمام خيارين :
الخيار الأول: هو الاستجابة لله و للرسول، أي الاستجابة للعلم الذي مصدره الوحي الذي لا يخطئ ، و ليس العلم الذي مصدره الهوى و الرأي البشري ، و ثمرة هذه الاستجابة هي حياة القلوب و الوقاية من الهلاك في الفتنة العامة التي لا تصيب فقط الطغاة و الذين ظلموا منا خاصة بل ستلطم الجميع
الخيار الثاني:هو عدم الاستجابة للوحي، وهذا نتيجته موت القلوب، أي أن يطبع الله على قلوبنا و نتحول الى جثث متحركة تأكل و تنام و تتبول وتتبع الأهواء في عصر اعجاب كل ذي رأي برأيه، وهذا الانقياد وراء الهوى سيودي بنا الى فسطاط الكفر الذي لا ايمان فيه.
فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)
/ القصص/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن نحن رفضنا الوحي، أو رفضنا الاستجابة للرسول إذا دعانا الى ما يحيي قلوبنا فهذا يعني أننا اخترنا موت القلوب و خراب بوصلتنا الداخلية..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
.
فنحن أمام أمرين لا ثالث لهما : إما اتباع الوحي و الاستجابة للوحي تـُحيي
أو اتباع الهوى و الاستجابة للهوى تـُهوي
ونتيجة هذين الخيارين في نهاية الفتنة العامة التي لا تصيب فقط الذين ظلموا منا خاصة، بل الجميع، أن يصير الناس في نهايتها الى فسطاطين.
فما هي هذه الفتة العامة التي لا يبق أحد من الناس الا و لطمته لطمة ؟؟؟
ما هي هذه الفتنة التي نحتاج فيها الى العلم كي نحيا ؟
ما هي هذه الفتنة التي يحول فيها الله بين المرء و قلبه ، فيصبح مؤمناً و يمسي كافرا؟
أظن أن جميعكم صار يعرف الجواب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن التمايز إلى فسطاطين هو أعظم نتائج فتنة الدهيماء التي تطلمنا الآن .
فهي فتنة تنقي الذهب من خشارة المعادن
لكن..
هل تعلمون كم طن من خَـبث الاتربة وخشارة المعادن يتخلصون في المناجم كي يحصلوا على كيلو غرام واحد من الذهب النقي ؟؟!!
تفكروا بحجم خشارة البشر ، تفكروا بحجم الغثاء الكثير من المسلمين والذين سيهلكون للوصول إلى فسطاط الايمان النقي الذي لا نفاق فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولأننا في عصر الهلكة الوشيكة ، والفتنة الحالقة التي تنجلي عن أفل من القليل.
ولأن الله الحكيم شاء أن يأتي جيلنا نحن في نهاية الأيام
ولأن السيدة زينب سألت رسول الله عندما رأى هلكة العرب في آخر الزمان: يا رسول الله أنهلك و فينا الصالحون؟
فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم : نعم ، إذا كثر الخَبث.
ولأن السيدة أم سلمة أيضاً نقلت لنا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الأَرْضِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَأْسَهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ "
فقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَالِحُونَ ؟
قَالَ : " نَعَمْ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَالِحُونَ ، يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ " .
من أجل ذلك كله: فالقوانين الإلهية المتعلقة بالصالحين في هذا العصر الذي كثر فيه الخَـبث هي قوانين خاصة، واستثنائية .
و مع أنها مختلفة عما سبق التعارف عليه في الشرع الحنيف ، إلا أنها ليست خروج عن الشريعة الثابتة الكاملة، بل هي من ضمنها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في كل دول العالم يوجد قانون محترم و دستور مدني صارم تسير عليه
وهذا القانون ينظم شؤون الناس في الدولة، و يكون عادة مطبقاً في معظم الأوقات
لكن هناك أيضاً إلى جانب ذلك القانون الاعتيادي ، قانون آخر يسمى بقانون الطوارئ
وهذا القانون لا يطبق عادة إلا في زمن الأزمات الكبيرة والحروب والكوارث ولفترة محدودة فقط .
ملك الملوك في شريعته للمسلمين يسن قوانين ثابتة واعتيادية
لكن ضمن نفس الشريعة هناك قانون خاص للأزمنة الاستثنائية .
أنا أسميه " قانون الطوارئ الرباني " ، و أعلم أنكم لم تسمعوا بهذا المصطلح من قبل ..
وربما تنفرون من كلمة قانون طوارئ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوانين الطوارئ للدول - وخاصة في الدول العربية - تفرضها عادة الأنظمة الطاغية كي تطلق يدها في مزيد من البطش والقمع
وفق قوانين الطوارئ التي تفرضها الدول المستبدة يستطيع أي شرطي أن يعتقل أي شخص لمجرد الاشتباه به
وقد يبقى المواطن محبوساً لسنوات دون محاكمة
في الأحوال العادية ، لا تستطيع الشرطة أن تعتقل أي إنسان بدون مذكرة توقيف ودون تهمة أو بلاغ
و لا يُحتجز المشتبه به أكثر من 4 أيام على ذمة التحقيق
في الأحوال العادية يكون المتهم بريء حتى تثبت إدانته
لكن وفق قانون الطوارئ :
الشعب كله متهم حتى يثبت ولائه للزعيم المفدى .
.
قانون الطوارئ في ما يُسمى بسوريا - على سبيل المثال - مطبق منذ انقلاب حزب البعث عام 1963
لذلك كلمة قانون طوارئ ، هي كلمة منفرة عند جميع الشعوب العربية ، ومعهم كل الحق في ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما قانون الطوارئ الرباني فهو على العكس من ذلك تماماً
الشريعة الإسلامية كلها رحمة
و الشريعة في قانون الطوارئ الرباني فيها المزيد من الرحمة .
لأنه في قانون الله دائماً هناك " مع العسر يسراً "
فما هو قانون الطوارئ الرباني ؟
و ماهي مواد و بنود هذا القانون ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفق هذا القانون، ستكون الأولويات مختلفة
و تصاريف الله مع عباده في هذا الزمان ستكون أيضاً مختلفة عما اعتاد المسلمون عليه في الأزمنة العادية
و من تأملي في أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم وتشريعاته الخاصة بزمننا هذا ، أستطيع أن ألخص مواد و بنود هذا القانون في عشر مواد أساسية ، و بضع مواد فرعية
وسأخصص بإذن الله منشور طويل ومستقل لكل مادة من المواد العشر الأساسية للقانون الرباني.
لكن هذه لمحة سريعة عن المواد العشر الأساسية ، ولاحظوا كيف تختلف الأحكام و التشريعات في عصر قانون الطوارئ عن بقية العصور السابقة و اللاحقة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. المادة الأولى: العلم
قال صلى الله عليه وسلم :
إنكم أصبحتم في زمن : كثير فقهاءه قليل خطباءه ، كثير معطوه قليل سائلوه ؛ العمل فيه خير من العلم
وسيأتي على الناس زمان : قليل فقهاءه كثير خطباءه ، قليل معطوه كثير سائلوه ؛ (( العلم فيه خير من العمل ))
و عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه، من ترك عشر ما يعرف فقد هوى.
ويأتي من بعد زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2. المادة الثانية: العمل
روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" اشتقت لأحبابي "
قالوا: أو لسنا أحبابك يا رسول الله ؟
قال : لا ، أنتم أصحابي ، أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان
القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر
(( أجر العامل )) منهم كأجر سبعين
قالوا : منا أم منهم ؟
قال : بل منكم ، لأنكم تجدون على الخير معواناً ، ولا يجدون"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3. المادة الثالثة: الغربة
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَنَّةَ , أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
بَدَأَ الإسْلامُ غَرِيبًا , ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ , (( فَطُوبَى للغُرَبَاءِ ))
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! وَمَنِ الْغُرَبَاءُ ؟
قَالَ : الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لينحازن الإيمَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا يَحُوزُ السَّيْلُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَيَأْرِزَنَّ الإسْلامُ إِلَى مَا بَيْنَ هذين الْمَسْجِدَيْنِ , كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا
/أخرجه الطبراني في المعجم الكبير, الامام أحمد في المسند /
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4. المادة الرابعة : الموت
بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتاً (أي بادروا بالموت إذا ظهرت 6 علامات) :
1- إِمْارَةَ السُّفَهَاءِ
2- وَكَثْرَةَ الشَّرْطِ
3- وَبَيْعَ الْحُكْمِ
4- وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ
5- وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ
6- وَنَشْئًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ ، يقدمون الرجل ليس بأفقههم و لا أعلمهم ، ما يقدمونه إلا ليغنيهم"
و سأشرح ما المقصود بعبارة بادروا بالموت ، والعبارات الأخرى المشابهة من مثل : بطن الأرض خير لكم من ظهرها ، ومن استطاع منكم أن يموت فليمت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5. المادة الخامسة: الجهاد
عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ :
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم : « مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ » .
قَالُوا ثُمَّ مَنْ ؟
قَالَ : « مُؤْمِنٌ فِى شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِى اللَّهَ ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ».
/ متفق عليه /
و عَنْ أُمِّ مَالِكٍ الْبَهْزِيَّةِ قَالَتْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فِتْنَةً فَقَرَّبَهَا، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ فِيهَا ؟
قَالَ: « رَجُلٌ فِى مَاشِيَتِهِ يُؤَدِّى حَقَّهَا وَيَعْبُدُ رَبَّهُ ، وَرَجُلٌ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ يُخِيفُ الْعَدُوَّ وَيُخِيفُونَهُ ».
/ رواه الترمذي وصححه الألباني/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6. المادة السادسة: المال
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن "
و قَالَ الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ: " سيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَنْفَعُ فِيهِ إِلا الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ " .
( الدينار الذهبي ، و الدرهم الفضي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7. المادة السابعة: البنون أو الأسرة بشكل عام
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية، ومن شاهق إلى شاهق ، ومن جحر إلى جحر ، كالثعلب الذي يروغ .
قالوا : ومتى ذاك يا رسول الله ؟
قال : إذا لم تُنل المعيشة إلا بمعاصي الله عز وجل ، فإذا كان ذلك الزمان ((( حلّت العزوبة ))).
قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله وقد أمرتنا بالتزوج ؟
قال : لأنه إذا كان ذلك الزمان كان هلاك الرجل على يدي أبويه ، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده ، فإن لم يكن له زوجة ولا ولد فعلى يدي قرابته .
قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يَعَيِّرونه بضيق المعيشة ، فيتكلف ما لا يطيق حتى يورده موارد الهلكة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8. المادة الثامنة: الهجرة
الهجرة نوعان : داخلية و خارجية و سنتحدث بالتفصيل عنها لاحقا ان شاء الله
ففي كل اقليم من أقاليم الأرض هناك واحات أمان صغيرة ، وقوارب نجاة تختلف حسب مراحل الفتنة وبعثاتها ووقفاتها ، سنتحدث عنها كلها في المنشور الخاص بذلك ، لكن سفينة النجاة الرئيسية ستكون في الشام ولاسيما في الثلث الثالث من الفتنة .
.
قال الرسول صلى الله عليه و سلم:
ستكون هجرة بعد هجرة
فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم
و يبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم
تقذرهم نفس الله ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير
.
الألباني /حديث حسن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9. المادة التاسعة : العزلة و تجنب الشهرة و حب الظهور.
عن أبي أمية الشعباني قال : أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له كيف تصنع بهذه الآية؟
قال: أي آيـة ؟
قلت : قوله تعالى:
" يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم "
قال : أما والله لقد سألت عنها خبيراً ، لقد سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت ...
1- شـُحاً مطاعاً
2- وهوىً متبعاً
3- ودنيا مؤثرة
4- و إعجاب كل ذي رأي برأيه
فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العوام ، فإن من ورائكم أياماً ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر
للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً .
قيل : يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم ؟
قال : بل أجر خمسين منكم . ."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10. المادة العاشرة : القلب
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"تُعْرَض الفتن على القلوب كالحصير، عُوداً عوداً. فأيُّ قلب أُشربَها نُكِتَ فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على قلب أبيضَ مثلِ الصفا، فلا تضرُّه فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْبادّاً كالكوز مُجخِّياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشرِبَ من هواه"
.
/ صحيح مسلم ، ومسند الامام أحمد/
* النكتة :بفتح النون هي النقطة الصغيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سأشرح لاحقاً و بالتفصيل واعتباراً من المنشور الرابع من هذا الجزء- بإذن الله - كل مادة من مواد قانون الطوارئ الرباني
لكن قبل ذلك علينا أولاً أن نفهم القوانين الربانية الاعتيادية
علينا أن نعرف القاعدة ... قبل أن نعرف الاستثناء
علينا أن نعرف القانون الأساسي قبل أن نعرف قانون الطوارئ
علينا أن نعرف لماذا وصلنا أصلاً للزمن الذي يطبق علينا فيه قانون الطوارئ الرباني..
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نــور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع صفحة اخر الزمان في فيسبوك
0 comments:
Post a Comment